/ الفَائِدَةُ : (71) /
23/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الكلام الإِلهي / إِنَّ المراد من كلام الباريّ سبحانه وتعالى الوارد في بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالىٰ: [وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا](1). 2ـ بيان قوله تقدَّس ذكره: [وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ](2). 3ـ بيان قوله عظمت آلاؤه: [وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ](3)، ليس بالأَلفاظ المتعارفة؛ لاستحالتها في حقِّه سبحانه وتعالى؛ للزوم: الإِمكان، والحدوث، والحاجة، وإِنَّما المراد منه: الفعل، والإيجاد والفيض الإِلهيّ. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي، منها: أَوَّلاً: بيان قوله تقدَّست أَسماؤه: [وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ](4). ثانياً: بيان أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً: «... قائل لا باللَّفظ ...»(5). ثالثاً: بيان الإِمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام : «... وإِنَّما تكون الأَشياء بإِرادته ومشيَّته من غير كلام ولا تردّدٍ في نَفْس، ولا نطق بلسان»(6). ودلالة الجميع واضحة. ومِنْ ثَمَّ يكون قضاءه سبحانه وتعالىٰ وأَقْدَاره الَّتي تجري علىٰ المخلوق كلام منه جلَّ ثناؤه مع المخلوق. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالىٰ: [إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ](7). 2ـ بيان الزيارة الجامعة: «... فَنَطَقَتْ شَوَاهِدُ صُنْعِكَ فِيهِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّـهُ ...»(8). وليس في ذلك نحو مجاز، بل حقيقة، بل هو أَبيَّن من الحقيقة اللُّغويَّة والكلام المتعارف؛ لِاعْتِمَاد الكلام المتعارف على الوضع والاِعتبار، بخلاف الكلام الإِلهي، فإِنَّه يجري من خلال الحقائق. نعم يحتاج لترجمته وفهمه أُذناً واعية. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي، منها: بيان قوله تعالىٰ: [وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً * إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ](9). لكن: ليس المراد منها الأُذن الشَّحميَّة، بل اسم جنس مُشير إِلى آذان طبقات حقائق وذوات الإِنسان الصَّاعدة ـ فإِنَّ للإنسان طبقات من الأَبدان، ولكلِّ واحدٍ منها حواسِّه الخاصَّة ـ لكنَّها ـ رغم فعَّاليَّة الأُذن الشَّحميَّة ـ قد لا تكون تلك الآذان مُفعَّلة؛ إِمَّا لكثرة المعاصي(10)، أَو لعدم معرفة صاحبها كيفيَّة إِدارتها وتفعيلها، وحينئذٍ لا تلتقط الهواتف والنداءات الإِلٰهيَّة والكلام الإِلهيّ(11). وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالى مُقتصّاً خبر أَهل النَّار: [وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ](12). 2ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «ما أَكْثَر الْعِبَر وأَقَلَّ الإِعْتِبَار»(13). 3ـ بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام ، عن مُحَمَّد بن عبد الله الخراساني، قال: «دخل رَجُلٌ مِنَ الزنادقة على الرِّضا عليه السلام ... قال الرَّجُل: فما الدَّليل عليه؟ قال أبو الحسن عليه السلام : إِنِّي نظرتُ إِلى جسدي ... عَلِمْتُ أنَّ لهذا البنيان بانياً فأقررت به، مع ما أَرىٰ من دَوَران الفلك بقدرته وإنشاء السَّحَاب وتصريف الرِّياح ومجرىٰ الشَّمس والقمر والنُّجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقَنات علمتُ أَنَّ لهذا مُقدِّراً ومُنْشِئاً. قَالَ الرَّجُل: فَلِمَ اِحْتَجَب؟ فقال أَبو الحسن عليه السلام : إنَّ الاحتجاب عن الْـخَلْقِ لكثرة ذنوبهم، فأَمَّا هو فلا يخفى عليه خافية في آناء اللَّيل والنَّهار»(14). ومِنْ ثَمَّ ورد في بيانات الوحي: صدور هواتف ونداءات من السَّاحة الإلهيَّة ـ كما في ليالي الجمع(15) ـ مُوجَّهة للبشر، لكن مَنْ الَّذي يلتقطها ويسمعها!! بل ورد أَيضاً: أَنَّ بعض الحيوانات تسمع ما يجري في العوالم الأُخرىٰ الصَّاعدة ما لا يسمعه الإِنسان. فلاحظ: بيانات الوحي، منها: بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... إِنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى خَلَقَ الملائكة في صُوَرٍ شتَّىٰ، إلَّا أَنَّ للَّـه تبارَكَ وتَعَالَىٰ مَلَكاً في صورة دِيك أَبحّ أَشهب، براثنه في الأَرض السَّابعة السُّفلى وَعُرْفه مَثْنىٰ تحت العرش، له جناحان ... فإِذا حضر وقت الصَّلاة قَامَ عَلَىٰ براثنِهِ ثُمَّ رَفَعَ عنقه مِنْ تَحْتِ العرش، ثُمَّ صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم ... فَيُنَادي: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلَّا اللهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً سَيِّد النَّبِيِّين، وأنَّ وصيَّه سَيِّد الوصيِّين، وأَنَّ الله سبوح قُدُّوس رَبّ الملائكة والرُّوح، قال: فتخفُق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله، وهو قوله تعالى: [وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ](16) مِنَ الدِّيَكَة في الأَرْضِ»(17). ودلالته واضحة. نعم، الواعز النَّفساني وما يدفع المؤمن إِلى فعل أَعمال الخير كالصَّلاة والتهجُّد والاِستغفار وسائر الأُمور العباديَّة نوع ودرجة سماع وشعور واستشعار الهواتف والنداءات الإِلٰهيَّة والكلام الإِلٰهيّ. وقد ثبت عِلْمِيّاً: أَنَّ بدن الإنسان ـ فضلاً عن نفسه وروحه وسائر طبقات حقيقته ـ مُزَوَّدٌ بأُمورٍ وطاقات وإمكانيَّات عظيمة ومهولة جِدّاً؛ وهبتها له يد السَّماء، لكنَّ صاحبها لا يُحْسِنُ إِدارتها وتفعيلها أَو قد قضى عليها بالخطايا والمعاصي. مثال ذلك: ثبت عِلْمِيّاً: أَنَّ عامَّة البشر لم يستعملوا من خلايا أَدْمِغَتهم إِلَّا (3%) والباقي ـ وهو (97%) ـ مُعَطَّل، نعم نوابغ البشر اِسْتَعملوا منها (7%)، لكن بقي منها (93%) معطَّلَة أَيضاً. ولم يتوصَّل العِلْم إِلى الآن إِلَى نسبَةِ ما استعملها الأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام من أَدمغتهم. وبالجملة: هناك طاقات وقدرات وإِمكانيَّات هائلة مُتِّع بها كافَّة البشر، لكنَّها لم تُفَعَّل، والمُعْضِلَةُ غَالِباً في إِدارتها. وبهذا يتحطَّم اِعتراض مَنْ تطرَّف بأَوهامٍ بعثها التَّشكيك، وخواطر دفعها التَّوهُّم مِنْ عدم جعله من الكُمَّل كالأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء، فإِنَّهم عليهم السلام عرفوا من أين تؤكل الكتف، ففعَّلوا ونَشَّطوا ما لديهم من طاقات وإِمكانيَّات وقدرات، ففازوا وسعدوا، بخلاف سائر البشر، وهذا ما يقتضيه عدله سبحانه وتعالىٰ؛ فإِنَّه لا يميِّز بين أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. فلاحظ: بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله تعالىٰ: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ](18). 2ـ بيان قوله تقدَّس ذكره: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ](19). 3ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام: «... إِنَّ حُكْمَهُ في أَهْلِ السَّماءِ وأَهل الأَرض لَوَاحِدٌ، ومَا بَيْنَ اللَّـه وبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ في إِباحَةِ حِمىً حَرَّمَهُ عَلَى العالَمين...»(20). ودلالة الجميع واضحة. وَمِنْ ثَمَّ يتَّضح: تفسير بيان قوله تعالىٰ: [وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ](21). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء: 164. (2) البقرة: 117. (3) الأَعراف: 22. (4) الشورى: 51. (5) التوحيد: 299 /ح1. (6) التوحيد: 97/ح8. (7) النساء: 171. (8) بحار الأَنوار، 99: 167. مصباح الزائر: 241. المزار الكبير: 96. (9) الحاقة: 9 ـ 12. (10) ينبغي الِالتفات في المقام إِلى القضيَّة المُهمَّة التَّالية، وهي: / طاعة الله تزيد في تنمية الأَرض وبركاتها وعلىٰ ضدِّها المعصية / / اِصلاح النَّفس أَعظم طريق مُقَرِّب لظهور الُحجَّة عجل الله تعالى فرجه ولنصرة أَهل البيت عليهم السلام / / كُلُّ عملٍ لم يُرد به وجه الله جريمة اِفساد في حقِّ عوالم الخِلْقَة ومخلوقاتها / إِنَّه ورد في بيانات الوحي: «أَنَّ طاعة المخلوق لخالقه تقدَّس ذكره تزيد في تنمية الأَرض وبركاتها أَكثر مِمَّا تُعطيه الصِّنَاعَات والمهارات والزراعة والتجارة وهلمَّ جرّاً». فأَمْوَاج الطَّاعات تُؤَثِّرُ علىٰ البيئة وعلىٰ الإِنسان والحيوانات والنباتات والماء والمطر والحجر والمَدَر وهلمَّ جرّاً. وقس علىٰ ضدِّها المعاصي؛ فإِنَّها ـ كالطَّاعات ـ تتجسَّم وبأَجسام غير مرئيَّةٍ تُهْلِك الحَرْثَ والنَّسْلَ، وتكون أَخطر علىٰ جملة البيئات من الكاربون وأَبخرة المصانع والنفايات الكيميائيَّة والنوويَّة والغازات الضَّارَّة. فلاحظ: بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، وإِذا طففت المكيال أَخذهم الله بالسِّنين والنَّقص، وإِذا منعوا الزكاة منعت الأَرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلّها، وإِذا جاروا في الأَحكام تعاونوا علىٰ الظُّلم والعدوان، وإِذا نقضوا العهد سَلَّطَ الله عليهم عدوهم، وإِذا قطعت الأَرحام جعلت الأَموال في أَيدي الأَشرار، وإِذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، ولم يتبعوا الأَخيار من أَهل بيتي سَلَّطَ الله عليهم أَشرارهم فتدعوا خيارهم فلا يُستجاب لهم». علل الشرائع: 584/ ح26. 2ـ بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام ، عن مُحمَّد بن سنان: «أَنَّ أَبا الحسن عَلِيّ بن موسىٰ الرِّضا عليه السلام كتب إِليه فيما كتب من جواب مسائله: عِلَّة تحريم الذكران للذكران، والْإِنَاث للإِنَاثِ ... انقطاع النسل، وفساد التَّدبير، وخراب الدُّنيا». علل الشرائع: 389/ح1. ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة. بل الوارد في بيانات الوحي أَيضاً: «أَنَّ المؤمن لو أَصلح نفسه بينه وبين ربّه لكان أَعظم طريق مُقَرِّب لظهور الحُجَّة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه من الجهد السياسي والِاجتماعي والأَمني والعسكري المبذول في سبيل ذلك». وبالجملة: أَعظم طريقٍ لنصرة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ نصرتهم في معسكرات نفوسنا قبل البيئة السياسيَّة والْاِجْتِمَاعِيَّة والعسكريَّة والأَمنيَّة والمادِّيَّة وهلمَّ جرّاً، فلا تُنكث بيعة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ في قلاع نفوسنا، من خلال المعصية؛ فإِنَّها نكث لتلك البيعة. بل كُلُّ شيءٍ أُريد به غير وجه الله تعالىٰ جريمة إِفساد في حَقِّ عوالم الخِلْقَة ومخلوقاتها. وَكُلّ ما دون الله ووجهه جبت أَو طاغوت أَو فرعون يُعبد من دون الله تعالىٰ. (11) يجدر صرف النظر في المقام إلى القضيتين التاليتين: القضيَّة الأُوْلَىٰ: / للإِنسان في العوالم السَّابقة عدَّة نَشَآت / إِنَّ الثَّابت في بيانات الروايات المتواترة بين الفريقين: أَنَّ للإِنسان قبل عَالَم الدُّنيا وفي العوالم العلويَّة نَشَآت عديدة، وهي وإِنْ لم تكن فيها تكاليف شرعيَّة؛ لكن فيها تكاليف دينيَّة. إِذَنْ: الثَّابت في بيانات الوحي: أَنَّ الإِنسان مرَّ بِنَشَآت سابقة كثيرة، وعاش بأَبداٍن عديدة تختلف عن بدنه الدُّنيوي هذا، وكانت له كينونة حيَّةً بحياةٍ شاعرةٍ أَعظم من كينونة عَالَم الدُّنيا وشؤونها. ثُمَّ إِنَّ هذه النَّشَآت بعضها جسمانيَّة، والأُخرىٰ عقليَّة وفوق عَالَم الآخرة الأَبدية، وثالثة نوريَّة وفوق عَالَم العرش. وهذا البحث له اِرتباط ببحث عَالَم الرَّجعة الَّذي لم تلجه مدارس البشر المعرفيَّة، كـ: الفلسفيَّة، والكلاميَّة، والعرفانيَّة، والصوفيَّة، والتَّفسيريَّة. وهذه القضيَّة مع ثبوتها في بيانات الوحي المُتواترة؛ لكن لم يستوعبها أَصحاب مدارس البشر المعرفيَّة ـ كـ: أَصحاب المدرسة: الكلاميَّة، والعرفانيَّة، والصُّوفيَّة، والتَّفسيريَّة، والفلسفيَّة؛ بما فيهم المَشَّآء والإِشراق القائلين بـ: (قِدَم الرُّوح)؛ فإِنَّهم لا يقولون بـ: (أَنَّ للرُّوح أَبدان سابقة) ـ ومن ثَمَّ غُيِّبَت في ثقافتهم. ومنه يتَّضح: أَنَّ ما رُسم من خريطةٍ معرفيَّةٍ في علم: الفلسفة، والكلام، والعرفان، والتَّصَوُّف، والتَّفسير بناءٌ بشريٌّ ضئيل؛ فلذا أَوَّلُوا حقائق وحيانيَّة دامغة، واردة في بيانات وحيانيَّة وصريحة، وحملوها علىٰ معانيها المجازيَّة. وهذا ما يُوضِّح: سب كثير من الإِشكالات والِاعتراضات والشُّبُهات الواردة والنَّاشئة علىٰ مشهد الثقافة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة؛ فإِنَّها حصلت نتيجة البناء علىٰ قناعات مرسومة في المدارس المعرفيَّة البشريَّة. القضيَّة الثَّانية: / باطن ذات الإِنسان ينطوي علىٰ ملَفَّات علوم مُركَّزَة / ثبت في العلوم العلميَّة الحديثة، والعلوم: (العقليَّة) و(الرُّوحيَّة) و(الإِنسانيَّة): أَنَّ لذات الإِنسان مخازناً، وعقلاً باطناً، وذاكرةً إِجماليَّةً، واِرْتِكَازاً بَاطِناً تنطوي وتُلَفّ فيه علومه ومعلوماته بشكل مُرَكَّز. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي، منها: بيان أَمير المؤمنين (صلوات اللّٰـه عليه): «... فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ ... وَيُثِيرُوا لَـهُمْ دَفَائِنَ اَلْعُقُولِ ...». نهج البلاغة/خ1: 45ـ 46. (12) الملك: 10. (13) بحار الأَنوار، 71: 328/ح25. نهج البلاغة، 2: 217. (14) التوحيد: 245/ح3. (15) أنظر: بحار الأَنوار، 87: 164. (16) النور: 41. (17) التوحيد: 275 ـ 276/ح10. (18) النساء: 40. (19) يونس: 44. (20) نهج البلاغة، خ (192): 336. (21) الأَنعام: 124